تقرير القافلة المنظمة إلى منطقة إمجاض حول الأحداث المتعلقة بنزوح الرحل

تقرير القافلة المنظمة إلى منطقة إمجاض التابعة لعمالة سيدي إفني – جنوب المغرب حول الأحداث المتعلقة بنزوح الرحل إلى المنطقة وتأثير ذلك على السلم الإجتماعي بها

توطئة

في إطار مهامها النضالية و الحقوقية، و على ضوء الأحداث الأخيرة التي طفت على الساحة المجاطية – عمالة سيدي إفني بين المواطنين و الرحل وما توصلنا به من معلومات تفيد اعتداء الرحل، المعروفين بالرعي الجائر، على الساكنة. و هي اعتداءات مست الأراضي والمحاصيل الزراعية والأشجار والمياه ولم تسلم منها الساكنة نفسها لما طالها من عنف رمزي (تهديدات/ تحرشات…) و مادي كذلك (الضرب والجرح …)، ارتأت منظمة تاماينوت، وهي إطار وطني حقوقي تأسس سنة 1978 و ساهم بشكل فعال في بلورة ميثاق الأمم المتحدة حول حقوق الشعوب الأصلية، أن تقوم بقافلة لتقصي الحقائق والتأكد من المعلومات التي توصلت بها في هذا الموضوع.

لهذا الغرض أرسلت منظمة تاماينوت لجنة وطنية للتحقيق والتحقق من الأنباء التي تروج بمنطقة إمجاض – عمالة سيدي إفني جنوب المغرب يوم الأحد 22 مايو 2011 من الساعة 07:00 صباحا إلى حدود الساعة 20:00 مساءا. و قد ضمت القافلة كلا من السيد أحمد برشيل، الكاتب العام للمنظمة، السيد بوبكر ليديب عضو المكتب الوطني، السيد ابراهيم بن الحسين أوتلات عضو المجلس الوطني، الآنسة مليكة الهيلالي عضوة المجلس الوطني، إضافة إلى أعضاء مكاتب فروع المنظمة ( هشام المستوري أفولاي، أحمد أفروخ أزرف، مامون مستقيم عن فرع تزنيت/ الحسين لركون، أحمد بارشيل عن فرع أيت ملول/ ابراهيم أهرمو، عبد الله الراخي عن فرع بوطروش/ علي الكريم، رشيد أوشطاين عن فرع إفران الأطلس الصغير).والأستاذ حكيم أوهال – باحث في قضايا حقوق الإنسان ومتدرب بمنظمة تاماينوت كما كان في رفقة اللجنة السيد المحفوظ أشلحي أحد أبناء المنطقة ورئيس جمعية دوار أشلحين والآنسة لطيفة بوشريفة من أبناء المنطقة.

الهدف من القافلة:

يتمثل أساسا في تقصي الحقائق وجرد أكبر عدد ممكن من المعلومات حول الموضوع خصوصا وأن الإعلام أعتم على هذه المسألة رغم استنجاد السكان بكل الأطراف المعنية بالأمر. لذلك فإن اللجنة تمكنت من اللقاء ب:

–         بعض فعاليات المجتمع المدني

–         السكان

–         رئيس جماعة أنفك

المناطق التي جابتها القافلة:

دوار أكماض أوسكا بجماعة أنفك،

دوار إدبومريم بجماعة أنفك

مركز لحد أونفك – مقر الجماعة

دوار تاكاديرت جماعة إبضر

دوار إشلحيين جماعة إبضر

دوار إدمبارك جماعة بوطروش

دوار كراما جماعة تغيرت

دوار إدلحسن أوعمر – جماعة تغيرت

مركز جماعة تيغرت

دوار أفا إينفلاس جماعة تيغرت

دوار فوزارت جماعة سبت النابور

المحطات

انطلقت قافلة منظمة تاماينوت، التي تضم لجنة وطنية لتقصي حقائق ومتابعة أحداث منطقة إمجاض- عمالة سيدي إفني، بأكادير على الساعة السابعة صباحا ليوم الأحد 22 ماي 2011 لتصل إلى محطتها الأولى بدوار أكماض أوسكا.

1-    محطة دوار أكماض أوسكا

التقت اللجنة مع ساكنة هذا الدوار وبعض أعضاء جمعية أكماض أوسكا. حيث تم الاستماع إلى شهاداتهم بخصوص ما وقع من أحداث. فمن خلال تصريحاتهم أكدوا للجنة على أن الرحل هم جنود تابعون لأحد الكولونيلات بالصحراء الذين حطوا الرحال بالمنطقة منذ أزيد من ستة أشهر. هؤلاء السكان وانطلاقا من شهاداتهم دائما عبروا عن أساهم العميق تجاه مصير شكاواهم للسلطات المحلية التي استقبلتها بأذن صماء حسب تعبيرهم بل ويصل فيها الحد إلى طرد المشتكين، من السكان، من مقر قيادة تيغرت. الشيء الذي شجع الرحل على الاستمرار في الإتيان على ممتلكات الساكنة من محاصيل زراعية وأشجار مثمرة. ليتجاوز الأمر ذلك بتعرضها للتهديد والترهيب وإطلاق خبر تسميم الآبار ما خلق نوعا من الرعب واللا أمن لذا ساكنة هذا الدوار التي بات أطفالها يخشون الذهاب إلى المدرسة خوفا من الاختطاف الذي قد يتعرضون له من طرف هؤلاء الرحل.

وتجدر الإشارة على أن كلا من السادة عبد السلام بنقيه وعبد الله بنقيه و علي بنقيه قد توبعوا من طرف الدرك الملكي وتم تحرير محضر في حقهم بعد شكوى تقدم بها أحد الرحل ضدهم بتهمة قتل ماشيته، الشيء الذي اعتبره المشتكى ضدهم باطلا وغير عادل في نفس الوقت إذ كيف يعقل للمظلوم أن يكون ظالما؟ وكيف تمت الاستجابة لشكاية الرحل وتجاهل شكايات الساكنة؟ وما هو المصدر الذي زود الرحل بأسماء المشتكى ضدهم؟

2- محطة أيت بومريم – جماعة أنفك

هي المحطة الثانية التي وصلت إليها القافلة دائما بنفس الجماعة، حيث التقت اللجنة بمجموعة من المواطنين المتضررين إذ أكدوا للجنة أن الرحل حطوا الرحال بالدوار منذ بداية موسم الحرث. ويقول السكان على أن أراضيهم تعرضت للاقتحام من طرف الرحل الذين أطلقوا آلاف الرؤوس على محاصيلهم ما دفع أحد الساكنة إلى تقديم شكاية إلى السلطة المحلية – قائد قيادة تيغرت- والتي لم تستجب لها ولم تنبس ببنت شفة تجاه هذه القضية حسب السكان. كل هذا حدا بالرحل إلى التدخل واقتحموا وسط الدوار بما يفوق 20 عشرين سيارة رباعية الدفع تعرض خلالها السكان لهجوم عنيف، يصف السكان، من طرف الرعاة الذين استعملوا الوسائل المعروفة لديهم للقصف بالحجارة (المقلع (ildi /.

3- محطة مركز جماعة أنفك – اللقاء برئيس الجماعة القروية

الحوار مع السكان

انطلاقا من استجواب مجموعة من السكان بالسوق الأسبوعي – لحد أونفك- سجلت اللجنة ما يلي:

– قدوم الرحل إلى المنطقة برؤوس كثيرة من الأغنام والإبل منذ أواخر شهر نونبر.

– إتيان الرحل على كل المحاصيل الزراعية بالمنطقة.

– تجاهل السلطات المحلية لشكاوي المواطنين.

– فزع وهلع الأطفال المتمدرسين من الرحل خوفا من اختطافهم واستغلالهم في الرعي.

لقاء مع السيد رئيس الجماعة القروية لأنفك:

صرح رئيس الجماعة خلال لقاء اللجنة به، بقاعة الاجتماعات بمقر الجماعة بما يلي:

–         تحفظ الجماعة (أي الجماعة القروية لأنفك) بما قام به المواطنون بتدخلهم واتخاذهم إجراءات معينة دون استشارتي شخصيا.

–         كل ما يجري حاليا من أحداث ليس إلا سوى صراعات شخصية تخدم أجندة سياسية علما أننا مقبلون على أبواب الانتخابات.

وفي مداخلته قال الأستاذ احمد برشيل، عضو اللجنة، أن كل الآراء التي استقيناها من السكان تصب في منحى واحد هو تعسف الرحل على الساكنة ومحاصيلها الزراعية، ثم راسلوا السلطات في هذا الشأن لكنهم قوبلوا بسياسة الأذن الصماء حسب تعبيرهم. بعد كل هذا ما هي الإجراءات العملية التي اتخذتها الجماعة لإنصاف ساكنتها؟

ليعود السيد رئيس الجماعة بإجابة مقتضبة قال فيها: “سوف ندعو إلى اجتماع رؤساء الجماعات الأسبوع المقبل لاتخاذ الإجراءات اللازمة”.

4- محطة دوار تاكاديرت – جماعة إيبضر

بهذه المحطة تم الاستماع لأقوال قريبة السيد باها أوحيدا التي ذكرت أن هذا الأخير تعرض للضرب المبرح من طرف الرحل بالقرب من مركز قيادة تيغرت إلى درجة فقدانه للوعي، ما تسبب عنه كسور بليغة على مستوى أصابع اليد والعنق والرجل كذلك. نقل إثرها إلى قسم المستعجلات بالمستشفى الإقليمي بتزنيت وأرسل مباشرة إلى المستشفى الجهوى لأكادير نظرا لخطورة حالته التي تسببت له في عجز لمدة 35 خمسة وثلاثون يوما حسب الشهادة الطبية التي سلمت له بمستشفى الحسن الثاني باكادير.

5- محطة دوار إشلحين – جماعة إبضر

التقت اللجنة في هذه المحطة بأحد سكان الدوار والذي أكد على عملية إتلاف المحاصيل التي تعرضت لها الساكنة برمتها والشكايات التي تقدم بها المتضررون إلى السلطات المحلية دون أن تلقى أي اهتمام وأشار إلى نقطة أخرى تتجلى في اقتحام بعض الرحل لأحد المنازل واستوطنوه دون أي سند قانوني.

6- دوار إد مبارك – جماعة بوطروش.

التقت اللجنة بهذه المحطة مع الساكنة التي روت بعض الأحداث بمنطقتها حيث ذكرت أن الرحل يتواجدون بمنطقتهم منذ أزيد من شهرين. وهناك من تعرض منهم لاعتداء جسدي من طرف الرحل ويتعلق الأمر بالسيد أحمد راخي، كما أن بعض الشهادات أفادت أن كولونيلا قد حل لدى هؤلاء الرحل السنة الفارطة بمنطقة “تيزكي ن إدعلى أوحماد”.

7- محطة دوار كراما – جماعة تيغرت

أفادتنا التصريحات التي أدلى بها بعض سكان هذا الدوار أنهم لاحظوا أن هؤلاء الرحل كانوا ملثمين قصد التستر على هوياتهم حسب الشهود ولاحظوا كذلك من خلال ما تلقوه من سب وشتم من طرف هؤلاء الرحل أنهم يتحدثون بالحسانية. كما صرحوا أيضا بتعرضهم للضرب المبرح ويتعلق الأمر بالسادة:

– سعيد أوباني : تسبب له الاعتداء في عجز لمدة 21 واحد وعشرون يوما.

– الحسن أوعلي الذي لا يزال طريح الفراش.

– كروم الحسن وابنه. إضافة لتعرضهما للضرب، تعرضت سيارة السيد كروم الحسن لأضرار مادية نتيجة الاعتداء.

أفادت شهادة هؤلاء السكان حرمانهم من الماء الصالح للشرب لما يروج بالدوار من أخبار مفادها أن البئر تعرض للتسميم.

8- دوار إد لحسن أوعمر – جماعة تغيرت

حسب شهادة أحد ساكنة الدوار وصف فيها ما وقع قبل أحداث يوم 13 ماي 2011 بين الساكنة والرحل إذ ذكر أن قائد قيادة تغيرت استدعى تنسيقية الجمعيات في نفس اليوم، بحضور رئيس دائرة لاخصاص وقائد مركز الدرك الملكي بالاخصاص، في محاولة منه لاحتواء الوقفة الاحتجاجية المزمع تنظيمها آنذاك يوم 10 ماي 2011 ضد تصرفات الرحل، وصاحب هذا الاجتماع ترقب شديد من طرف الساكنة لما سيفضي له الاجتماع وإذا بشخص من ذوي الاحتياجات الخاصة ولج قاعات الاجتماعات وبدأ في الاستغاثة والشكوى من اعتداء الرحل عليه بالضرب والاستيلاء على قطيع غنمه وهو ما أدى إلى ارتفاع  أصوات الاحتجاج داخل القاعة ورفض (بضم الراء) أي حل من طرف التنسيقية سوى الترحيل النهائي للرحل وخروج الجميع من القاعة.

في الوقت الذي ينعقد فيه الاجتماع المذكور، حسب السيد عابد بوفي أحد سكان دوار إد لحسن أوعمر – جماعة تغيرت، قامت مجموعة من البدو الرحل بالاستغاثة بجماعات أخرى خارج المنطقة حتى بلغ عددهم حوالي 20 سيارة بملتقى الطرق “انو إيليك” فقاموا بإغلاق الطريق والهجوم على كل من اقترب منهم، وأسفر الهجوم عن جرح عدة مواطنين تم نقل 03 ثلاثة منهم إلى المستشفى الإقليمي بتزنيت  أحدهم في حالة خطيرة تم نقله بعدها إلى مستشفى الحسن الثاني باكادير (هو السيد بها أوحيدا المذكور في المحطة الرابعة بتاكاديرت جماعة إبضر).

9- محطة مركز تيغرت

التقت اللجنة بالسيد بلقايد عبد الله الذي سرد حيثيات أحداث ما قبل 13 ماي 2011 والتي تتمثل في الشكايات المتوالية التي أرسلها إلى السلطات المحلية قصد إنصافه كما مد اللجنة بنسخ من هذه الوثائق وبعض مراسلاته للجهات المعنية (وزارة الفلاحة…). وأشار المصدر ذاته إلى مجموع الخسائر التي تعرضت لها محاصيله الزراعية.

10- محطة دوار أفا ن إنفلاس – جماعة تيغرت

التقت اللجنة بالسيد محمد أكنكو الذي أفادها بمجموعة من الشهادات مرتبطة بالخسائر التي تعرض لها السكان وكذا بالأقوال والأحداث التي مرت بهم مع الرحل. بخصوص الخسائر فقد صرح الأهالي بضياع مجموعة من بساتينهم وأراضيهم ومحاصيلهم الزراعية بسبب هذا التدخل. أما بالنسبة للشق الثاني من الشهادة فقد أفادت أن الرحل يشرعنون تصرفاتهم من خلال التأكيد على أن الأرض هي “أرض مولانا” كما يضيفون عبارات انفصالية وتهديدية في حق الساكنة من قبيل “حنا أولاد البوليزاريو أو لي عجبكم نديروه”. أمام كل هذا تقدمت الجمعيات بشكايات ضد هؤلاء الناس ويبقى رد السلطات غائبا إلى حدود الساعة.

11- محطة دوار فوزارت – جماعة سبت النابور

هي آخر محطة وصلت إليها اللجنة مساء يوم الأحد 22 ماي 2011. من خلال ما ورد على لسان ساكنة هذا الدوار فقد اعتبرت المنطقة زاخرة بشجر أركان إلا أنها متأسفة لما تعرض له من إتلاف واستيلاء على الثمار بعد دخول الرحل الذين رفضوا لغة الحوار، حسب الساكنة دائما، بداعي آن الأرض “أرض مولانا” ما حدا بالساكنة إلى تبليغ السلطات المحلية عن هذه الخروقات، لكن حسب تعبيرها فإن السلطات لم تبالي بالموضوع خوفا من الرحل أو لغرض في نفس يعقوب حسب تعبيرهم.

استنتاجات

بناءا على كل المعطيات الواردة أعلاه، فإن منظمة تاماينوت استخلصت النتائج التالية:

–         بالرغم من المسافات المتباينة والمتباعدة بعشرات الكيلوميترات من محطة إلى أخرى عبر 5 خمس جماعات قروية، فإن الروايات التي تم الاستماع إليها متشابهة، ما ينفي احتمال ابتكار السكان لسيناريوهات غير واقعية. والشيء نفسه يؤكد صحة ما توصلنا به من معلومات قبل زيارتنا للمنطقة.

–         أن الساكنة تعاني من انعدام الأمن بالمنطقة أمام زحف ومد الرحل الذي يأتي على الأخضر واليابس، ويتجاوز الأمر المحاصيل الزراعية والبساتين والحقول إلى الاعتداء والمساس بالسلامة الجسدية للساكنة والتهديدات التي لم يسلم منها حتى الأطفال، ما جعلهم يمتنعون عن الالتحاق بصفوفهم في المدرسة الشيء الذي يساهم بشكل مباشر وخطير في ارتفاع مهول للهدر المدرسي لدى هؤلاء الأطفال.

–         أن جميع السلطات لم تقم بواجبها لحماية حقوق السكان في ممتلكاتهم وسلامتهم الجسدية والمعنوية، كما هو متعارف عليه في القوانين الوطنية والدولية، ولم تقدم حلولا أو إجراءات عملية رغم مرور أزيد من 5 خمسة أشهر على هذه القضية. ما يجعل الباب مفتوحا على مصراعيه للتساؤل حول ما الذي حال دون تدخل السلطات، هل لأن سكان الجبال بالمغرب عامة وبمنطقة إمجاض- عمالة سيدي إفني خاصة مواطنون من الدرجة الثانية؟ أم أن الأمر يتعلق بتواطؤ سياسي عسكري؟

توصيات

من أجل جبر الضرر وإنصاف الساكنة لما لحقها من أضرار، ومن أجل إحساس سكان المنطقة أنهم مواطنون مغاربة يتمتعون بجميع حقوق المواطن فإن منظمة تاماينوت توصي بما يلي:

–         الاستعجال بفتح تحقيق في هذه القضية ومحاسبة كل المتورطين فيها.

–         تعويض الساكنة عن كل الأضرار التي لحقت بها.

–         وضع آليات عملية لحماية الساكنة وممتلكاتها.

22/05/2011