مرافعة حقوقية حول قرار جماعة “تيغيرت” إحداث مطرح للنفايات قرب دوار “أكني أورام”

تحت عنوان : لهذه الأسباب يجب التراجع عن قرار إنشاء مطرح للنفايات قرب دوار “أكني أورام”

يتضمن هذا الملف تقريرا حول مطرح النفايات المزمع إنشاؤه بدوار “أكني أورام” جماعة تيغيرت إقليم سيدي إفني و تعليقا على قرار اللجنة في إحداث المطرح بالمكان المذكور ثم توصيات إلى كل من يعنيه الأمر.

  1.       I.            تقديم:

تأكدت ساكنة جماعة “تيغيرت” إقليم سيدي إفني من قرار اللجنة التي أفرزها المجلس الجماعي لنفس الجماعة للحسم في مكان إنشاء مطرح للنفايات وقد كان للخبر وقع الصاعقة على مسامع ساكنة جماعة “تيغيرت” وخصوصا سكان دوار “أكني أورام” وكذا كل المهتمين بالشأن البيئي والحقوقي محليا، جهويا، وطنيا ودوليا لعدم مراعاة شروط رئيسية وأساسية ستساهم في اختيار المكان الصائب للمطرح.

طالب مواطنو جماعة “تيغيرت” منذ سنوات خلت عبر فعاليات المنطقة وإطاراتها المدنية والسياسية بأهمية إحداث مطرح للنفايات يخلص الجماعة من تداعيات الكوارث البيئية التي قد تنتج عن أبسط الأخطاء كما أصروا أكثر من مرة على ضرورة مراعاة الجانب البيئي الذي يعتبر العمود الفقري للحياة والحقوق البيئية التي تلقى اهتمام القاصي والداني لارتباطها الوثيق “بالحق في الحياة” ناهيك عن المشاكل الاجتماعية والاقتصادية وكذا السياسية التي تتفاقم من عدم احترام هذه الحقوق.

ولأن قرار إحداث مطرح للنفايات بدوار “أكني أورام” جماعة تيغيرت، إقليم سيدي إفني لا ينفصل عن مشهد بيئي كارثي وليس سوى جزءا من القرارات الفوقية التي تضرب شعار “الديمقراطية التشاركية” عرض الحائط وتجهز على سلسلة من الحقوق المتضمنة بمنظومة عالمية صادق المغرب على العديد من إعلاناتها ومعاهداتها وكذا بروتوكولاتها الاختيارية؛ فقد أراد سكان جماعة “تيغيرت” أن يدلوا برأيهم عبر هذا التقرير ويوضحوا وجهة نظرهم.

  1.        II.            لهذه الأسباب يجب التراجع عن قرار إنشاء مطرح للنفايات قرب دوار “أكني أورام” :

نرى لزاما قبل الخوض في هذه الأسباب التي تعتبر خروقات وتجاوزات للمنظومة القانونية الدولية ومقتضيات الدستور والقوانين الوطنية أن نضع الموضوع في الجوانب والأبعاد التي يتجاوزها :

إن الفضاء الذي وقع عليه الاختيار لإحداث المطرح لا يبعد سوى بضعة عشرات أمتار عن أقرب تجمع بشري وسكني وإذ يتعلق الأمر بدوار “أكني أورام” الذي استفاق سكانه، كما أشرنا سلفا، على هول القرار. ولأن الساكنة تعي جيدا على أن أكثر من 80%  من مطارح النفايات بالمغرب لا تخضع لنظام المراقبة كما أن نسبة كبيرة لا تحترم الشروط العامة لإنشاء المطارح والتي تتمثل على سبيل المثال لا الحصر في نظافة الموقع ودراسة خصائص المساحات المخصصة لتخزين النفايات الخطيرة أو المنتجات السائلة القابلة لتلويث المياه وتدمير الفرشة المائية ومسائل أخرى مرتبطة بالحراسة والصيانة… فإنها تعلم جيدا أن الموضوع لا يمكن اختزاله في ما هو مرتبط بالشأن البيئي المحض الذي يهدد الفرشة المائية والمنظومة البيئية ككل بالمنطقة وما يجاورها بل يتجاوز الأمر إلى الصحة والسلامة البدنية للإنسان وماشيته وكل الكائنات الحية وسبل الرزق، وعليه فإن هذا يعتبر خرقا سافرا ل :

–       مقتضيات اتفاقية التنوع البيولوجي التي اعتمدها المنتظم الدولي خلال قمة الأرض المنعقدة ب “ريو دي جانيرو” سنة 1992 وصادق عليها المغرب، ولأول مرة تم الإعتراف على مستوى القانون الدولي أن حفظ التنوع البيولوجي يمثل أحد الإهتمامات المشتركة للبشرية جمعاء، وجزء لا يتجزأ من عملية التنمية؛

–      اتفاقية إطار الأمم المتحدة بشأن التغيرات المناخية التي تضمنت الإعلان النهائي ل”ريو” و”أجندة 21″ التي تعتبر برنامج عمل حول البيئة والتنمية للقرن 21 معتمد من طرف 173 قائد دولة خلال لقاء الأرض ومبادئ القانون الدولي؛ وكل هذا في روح وفلسفة الاتفاقية الرامية للمحافظة على البيئة وإعمال مبدأ الحيطة والحذر حين التعامل معها، ما نلحظ غيابه وعدم الإكتراث به في قرار اللجنة إحداث مطرح عمومي قرب مضاجع السكان؛

–      الفقرتان 1 و 2 من المادة 29 من إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية اللتان تنصان على “حق الشعوب الأصلية في حفظ وحماية البيئة والقدرة الإنتاجية لأراضيها أو أقاليمها ومواردها، وعلى الدول وضع وتنفيذ برامج لمساعدة الشعوب الأصلية في تدابير الحفظ والحماية هذه، واتخاذ تدابير فعالة لضمان عدم تخزين مواد خطرة أو التخلص منها في أراضي الشعوب الأصلية أو أقاليمها، دون موافقتها الحرة والمسبقة والمستنيرة”؛ هنا يجب أن نسطر على القدرة الإنتاجية التي ترتبط أساسا بالجانب الاقتصادي والمعيشي للأفراد وهو الأمر الذي يجهز عليه قرار إنشاء مطرح للنفايات بالقرب من “أكني أورام” من خلال زعزعة الإستقرار البيئي بالمنطقة وقتل الماشية وتدمير الغطاء النباتي وكل الكائنات الحية وبالتالي وضع حد لمصدر رزق وعيش أغلب سكان المنطقة؛

–      المادة 1 من قانون إطار رقم 99-12 المتعلق ب “الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة” الذي أعدته وزارة الطاقة والمعادن  والماء والبيئة – قطاع البيئة – التي تتحدث عن الأهداف، تشير إلى أن هذا القانون يعمل على تقوية، حماية ووقاية الأوساط الطبيعية، ومنع ومكافحة التلوث وكل الأضرار التي قد تشوب الطبيعة؛

–      المادة 2 من نفس القانون تنص على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار مبادئ أساسية هي بمثابة معايير يجب احترامها خلال وضع سياسات أو استراتيجيات أو برامج من طرف الدولة، الجماعات الترابية، المؤسسات والمقاولات العمومية وباقي الأطراف المتدخلة في الشأن البيئي والتنمية، وهذه المبادئ التي أهملتها لجنة جماعة “تيغيرت” تتمثل في :

  • مبدأ الانخراط؛
  • مبدأ التضامن؛
  • مبدأ الاحتياط؛
  • مبدأ التشارك؛

–      المادة 3 التي تنص بشكل صريح على أن “كل فرد له الحق في العيش والنمو في بيئة سليمة وذات جودة، تعزز الحفاظ على الصحة [..] ” ما نؤكد على أنه  لن يتأتى لساكنة جماعة “تيغيرت” وبالأخص سكان دوار “أكني أورام” إذا ما بقيت الأمور على ما هي عليها؛

–      المادتان 19 و 20 من “الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة” تشيران إلى أن الحكومة المغربية والجماعات الترابية ومختلف مؤسسات الدولة تلتزم بتفعيل وأجرأة مقتضيات قانون الميثاق وتسهر على العمل بالمبادئ والبرامج المتضمنة بالقانون الإطار كما تضمن لمواطنيها المشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة بحماية وسبل تطوير البيئة على المستوى المحلي؛ ما نعتبره كمواطنين أمرا ضروريا لم تحترمه جماعة “تيغيرت” ووجب التراجع عنه؛

إن إنشاء مطرح النفايات بالمساحة الواقعة بجوار دوار “أكني أورام” لن يجهز على المنظومة البيئية فقط كما أشير إلى ذلك، ولن يقتصر على خرق الحقوق البيئية إنما سيتعدى الأمر ذلك إلى سلامة وصحة الأفراد وكل الكائنات الحية وسيؤدي إلى نزع الملكيات وتشريد العائلات.

إن الحق في الحياة تضمنه القوانين الدولية ويؤكد عليه الدستور المغربي الذي ينص من بين ما ينص على سمو المواثيق الدولية على القوانين الوطنية، وفي اختيار اللجنة التي فوضتها جماعة “تيغيرت” في موضوع مطرح النفايات مصادرة لهذا الحق الذي جاء في :

–         المادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينص على أن “لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه”؛

–      الفقرة 2 من المادة 29 من إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية الذي يدعو “الدول أن تتخذ تدابير فعالة لكي تكفل، عند الضرورة، حسن تنفيذ البرامج المتعلقة برصد صحة الشعوب الأصلية وحفظ معالجتها، حسبما تعدها وتنفذها الشعوب المتضررة من هذه المواد”؛

–         الفصل 20 من الدستور المغربي وعبر على ذلك باعتبار “الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان. ويحمي القانون هذا الحق”؛

إن هذا التهديد لحياة الإنسان ومصدر رزقه وعيشه كما ذكرنا ذلك في تقريرنا لن يكون سوى نتيجة لقرار لجنة جماعية لم تحترم معايير وشروط أساسية لإنشاء مطرح للنفايات يعتبر أساسيا، ولن يكون سببه سوى الإجهاز على الحقوق البيئية.

إن ملكية السكان الأصليين بإمجاض قد تعرضت للإيذاء والمس فيما سبق من خلال هجوم الرحل بأقطاع هائلة من الغنم والماعز والإبل التابعة لأصحاب النفوذ ورجالات الجيش وقد راسلت منظمة تاماينوت وزير الداخلية ووزير العدل ورافعت حول الملف بإعداد تقرير ذات صلة بالموضوع، وها هي ملكية سكان دوار “أكني أورام” تترامى عليها أيدي جماعة “تيغيرت” بدعوى إحداث مطرح النفايات وهي أراض فلاحية تابعة لملاكها الأصليين، وفي قرار اللجنة إجهاز على الحق في الملكية من خلال :

–      الفقرة 2 من المادة 8 من إعلان الأمم المتحدة حول حقوق الشعوب الأصلية التي تحث الدول على “أن تضع آليات فعالة لمنع والانتصاف من [..] ب- أي عمل يهدف أو يؤدي إلى نزع ملكية أراضي الشعوب الأصلية أو أقاليمها أو مواردها”؛

–      المادة 26 من نفس الإعلان تنص على أن “للشعوب الأصلية الحق في الأراضي والأقاليم والموارد التي امتلكتها أو شغلتها بصفة تقليدية، أو التي استخدمتها أو اكتسبتها بخلاف ذلك”؛

توصيات :

من خلال كل ما سبق فإننا ندعو إلى :

1-      التراجع فورا عن قرار إنشاء مطرح للنفايات بالمنطقة المحددة بالقرب من التجمعات السكنية بدوار “أكني أورام”؛

2-      رد الاعتبار للإنسان واحترام كرامته وحقه في الحياة والتفكير بجدية في سلامة الأفراد وخصوصا الأطفال قبل اتخاذ أي قرار؛

3-      إقرار الحقوق البيئية ونشر ثقافتها بالمجتمع واحترامها خلال وضع سياسات وبرامج وطنية من طرف الدولة ومؤسساتها؛

4-    إشراك السكان والمجتمع المدني في مسلسل اتخاذ القرار وتدبير الشأن العام واستحضار مبدأ الحصول على الموافقة الحرة والمسبقة والمستنيرة قبل اتخاذ وتنفيذ أي تدابير يمكن أن تمس السكان الأصليين ؛

5-    احترام المنظومة القانونية والحقوقية الدولية عبر الاستجابة للأصوات والاستغاثات التي تدعو وتطالب بإعمال المقاربة التشاركية ميدانيا ووقف انتزاع الملكيات والترامي على أملاك الغير؛

المكتب الفيدرالي

04/08/2013