تقرير موجز حول الطاولة المستديرة الاولى لمنظمة تاماينوت – القطب الحقوقي

حول: “الحقوق الجماعية في الاراضي والغابات والموارد بين سياسات النهب وسيادة الشعب الدائمة على موارده الطبيعية”

توطئة

منذ تأسيسها في سنة 1978 ومنظمة تاماينوت تناضل من أجل احترام الحقوق الأساسية للأفراد والجماعات في إطار  مغرب فدرالي متعدد يحترم مبدأ تقسيم السلطة والثروة ويحفظ للسكان الأصليين حقوقهم كاملة في الأراضي والموارد الغابوية والمائية والمعدنية. ومن أجل ذلك دافعت منظمة تاماينوت في كل اللقاءات الوطنية منها والدولية على هذه الحقوق باعتبارها المدخل الأول والأساسي لبناء مغرب الديموقراطية والمساواة والتعددية.

في إطار مهامها النضالية من أجل الدفاع عن الحق في الأرض والثروات المرتبطة به واستمرارا لندوة أكال سنة 2001 ووفاء لروح لقاء تدوارت 2013 شكلت منظمة تاماينوت من خلال قطب حقوق الإنسان والعلاقات الخارجية والتكوين لجنة من الحقوقيين الأمازيغيين للترافع حول حق السكان الأصليين في الأراضي والموارد لذا المؤسسات الوطنية والهيئات الدولية من أجل حث الدولة المغربية على الاعتراف بهذه الحقوق كاملة عن طريق إصدار قوانين تلغي بها الظهائر الاستعمارية، التي بموجبها تم نزع واستصدار الأراضي من ملاكها الأصليين والشرعيين، وبموجبها (أي القوانين الجديدة) ترجع- الدولة- للملاكين الأصليين كافة الأراضي المستولى عليها بمقتضى هذه الظهائر ووضع أنظمة جديدة للإصلاح في إطار مقاربة شمولية لملف الأرض بالمغرب مع احترام حقوق السكان الأصليين.

الطاولة المستديرة الأولى بالرباط حول: “الحقوق الجماعية في الاراضي والغابات والموارد بين سياسات النهب وسيادة الشعب الدائمة على موارده الطبيعية”

كخطرة أولى للجنة الحقوقيين الأمازيغيين نظمت منظمة تاماينوت بمقرها الفدرالي الكائن أكدال – الرباط الطاولة المستديرة الأولى يوم الخميس 21 نونبر 2011 على الساعة السابعة مساء حول:

الحقوق الجماعية في الاراضي والغابات والموارد بين سياسات النهب وسيادة الشعب الدائمة على موارده الطبيعية.
بمشاركة :

1- الدكتور عبد السلام بنميس الأستاذ الجامعي عن تجربته كرئيس لجمعية دوي الحقوق في الاراضي الجماعية بتيزنيت.
2- الأستاذ الحسين الملكي المحامي بالرباط عن الانظمة القانونية لحماية الاراضي الجماعية.

3- الأستاذ حسن ادبلقاسم عن “الحقوق في الاراضي والموارد”من خلال الاتفاقية 169 بشان حقوق الشعوب الاصلية والقبلية في البلدان المستقلة.

افتتح اللقاء بكلمة الاستاذ الحسين اموزاي منسق القطب الحقوقي بمنظمة تاماينوت حيث رحب بالحاضرين في اللقاء وقدم آراءه حول أهمية الموضوع في المرحلة الراهنة وشكر الجميع على استجابتهم للدعوة. وبعد أن خصص وقتا ليقدم الحاضرون أنفسهم في إطار تعارف حميمي أعطى الكلمة للأساتذة المشاركين.

المداخلة الأولى:  الدكتور عبد السلام بنميس

1 – بدأ الدكتور عبد السلام بنميس عرضه بتقديم كلمة باعتبار كون اليوم 21 مصادف لليوم العالمي للفلسفة حيث ذكر بان اقتراح الاحتفال باليوم العالمي للفلسفة قدم من طرف المغرب وتم اعتماد الاقتراح سنة 2006 وكان حاضرا حينئذ بصفته استاذا جامعيا متخصصا في الفلسفة, وانه تم بعد ذالك تكريمه وتشريفه بتكليفه بكرسي اليونيسكو للفلسة بجامعة محمد الخامس بالرباط. ثم تحدث عن تجربته النضالية كرئيس لجمعية تنموية من اجل حماية الحقوق في الاراضي التي هي ملك لجماعة ايت نومر والتي تم السيطرة على جزء كبير منها لانشاء منتزه ماسة دون أي احترام للاراضي الجماعية ولا لأراضي الخواص.وقد تم ذلك بتمويل من طرف هيئات دولية المانية وفرنسية دون ان يتم احترام حقوق الإنسان. وقد اعتبر أن السيطرة على الاراضي ادى الى خلخلة التوازن الذي كان قائما بشكل طبيعي بين الانسان والحيوان والمحيط الطبيعي بعد ان حرم الناس بصفة فردية او جماعية من حقوقهم في اراضيهم. واشار الى انه بعد بحث عن اسباب ذالك توصل الى ان هناك اتجاهان في الايكولوجيا تبعا لفلسفتهما وايديولوجيتهما هما: الايكولوجية الفاشية والايكولوجية الاجتماعية. واخيرا خلص الى ان نضال السكان دفاعا عن اراضيهم وحقوقهم لم يذهب سدى. وقد تمكنت الجماعة في النهاية ان تنتزع حق التنظيم كجماعة سلالية تحت وصاية الداخلية بعد ان قدمت وثيقة تملك قديمة وهو ما ادى الى عقد الاجتماع التاسيسي بحضور ممثل الداخلية الذي انتهى بانتخاب نواب يمثلون الجماعة السلالية المؤسسة اخيرا.( صادف اللقاء وجود الدكتورة فاطمة بنسالم من يونيسكو بباريز فتفضلت بابداء بعض الملاحظات بخصوص اهمية معايير انشاء المنتزهات والمحميات).

 

المداخلة 2:  الأستاذ حسين الملكي

2 – تدخل بعد ذالك الاستاذ حسين الملكي المحامي بالرباط ومؤلف كتاب الانظمة القانونية لتدبير الاملاك الغابوية واملاك الجماعات السلالية وجماعات القبائل ليشير الى ان اول نص اصدرته الحماية يعود الى11/11/1912 تحت اسم الضابط المؤقت للاملاك العقارية حيث اشار في الفصل الاول بخصوص الاملاك الى” الاملاك التي لايجوز بيعها” ولا تملكها للناس ومن بينها الطرق والازقة وشواطئ البحر والمراسي والغدائر والسبخات والاودية والعيون والابار … وللمخزن وحده التصرف فيها … لمصلحة عمومية ” ثم حدد ان هناك ” الاملاك الاخرى التي لايجوز بيعها وشراؤها الا باذن” وهي:

اولا : املاك الاحباس.

ثانيا : الاراضي المشتركة بين القبائل وينبغي ان تبقى على حالها مع حفظ العمل الجاري فيها بحيث لايقع فيه بيع ولا مقاسمة”

ثالثا : الغابات.

رابعا : اراضي الكيش.

خامسا : الاراضي الفلاة والقاحلة او الموات.

سادسا : المعادن.

سابعا : الاملك المتخلفة من المنقطعين.

ثامنا :الأملاك المخزنية بالمدن وخارجها.

وأشار الفصل الثاني الى باقي الاملاك الغير المذكورة والتي يمكن بيعها وشراؤها .

وبتاريخ 07/07/1914 صدر ظهير اخر بشان تنظيم العدلية الاهلية وتفويت الملكية العقارية بصفته مكملا للضابط المؤقت السابق اخذا بالاعتبار” الاتفاقات السياسية الواقعة بين الدول”. وقد جاء في هذا الظهير “بانه لا يجوز شرعا بيع الأراضي المشتركة بين القبائل”حيث كان لا يجوز بيعها فكذلك لا يجوز شراؤها للغير لأنها تساوت حقوق افراد القبيلة فيها كما قرر في المنشور الوزيري الصادر بتاريخ 6 مارس 1914.

وفي 12/09/1914 ظهير اقرار العمل بالقوانين والاعراف الامازيغية المنشور في الجريدة الرسمية عدد 73 بتاريخ 18/09/1914 جاء فيه ما يلي:

“الفصل الأول : ان القبائل الامازيغية الموجودة بايالتنا الشريفة تبقى شؤونها جارية على مقتضى قوانينها وعوائدها الخصوصية تحت مراقبة ولاة الحكومة” وهو ” مضمون ذو بعد استراتيجي حسب الاستاذ الملكي يستهدف “حشد قوى القبائل الامازيغية ” حول السلطان الجديد الذي بويع يوم 13/08/1913 لمواجهة السياسات الاستعمارية التي كانت تشجع المعمرين على اقتناء الاراضي بينما القوانين الامازيغية كانت تمنع تفويت الاراضي او بيعها. ويؤكد الاستاذ الملكي ان هذا ما يفسر صدور ظهيري 27/4/1919 وظهير 18/02/1924 بشان تحديد اراضي القبائل وظهير 1925 بشان مناطق اركان. وقد صدر كذالك في نفس الاتجاه ظهير 03/1/1916 بشان تحديد املاك الدولة “كلما كانت هناك شبهة بشان عقار فهو ملك للمخزن، ويمكن ان تجري اعمال التحديد”. وهو ظهير استعمل للسيطرة على اغلب الاراضي والغابات التي هي ملك جماعي للجماعات والقبائل. ينص الفصل الرابع منه على مسطرة التحديد.

وتم استعمال هذا الظهير الاخير ضد القبائل الامازيغية المقاومة وغيرها ومن بينها على الخصوص: ايت واراين وأزمور والغرب والشياظمة والشاوية ودكالة والسراغنة والرحامنة وإحاحان ” حيث انجزت سلطات الحماية عمليات التحديد منذ ذالك التاريخ. وتساءل الاستاذ الملكي “لكن هل من حق ادارة حكومات الاستقلال ان تستعمل تحديدا اداريا انجز ضد القبائل من طرف الاستعمار وسيلة للمرور نحو عملية التحفيظ دون احترام المساطر القانونية في عهد الاستقلال وخصوصا في عهد حقوق الانسان وبعد دستور 2011؟”

من الجدير بالذكر ان ظهير 21/11/1916 يتعلق بتعيين جماعات تنوب عن القبائل والحال ان الامر قبل الاستعمار يتعلق بانتخاب “اينفلاس” إمزوارن او إمغارن أو أيت ربعين تبعا للمناطق.

وبخصوص الغابات فقد صدر ظهير10 اكتوبر1917 المتعلق بالمحافظة على الغابات واستغلالها وتمم وعدل تحت الحماية وبعد الاستقلال. محددا خضوع الاملاك الغابوبة التاية بعده لهذا الظهير:

أولا : الملك الغابوي (للدولة)

ثانيا : غابات الجماعات القابلة للتهيئة والاستغلال بصفة منتظمة.

ثالثا : الغابات المتنازع فيها بين الدولة وجماعة او بين احدهما والأفراد.

رابعا : الاراضي الجماعية المعد غرسها او التي ستغرس واراضي الرعي الجماعية.

خامسا : الاراضي المعاد غرسها او التي ستغرس واراضي الرعي الجارية على ملك الافراد والتي يريد ملاكوها ان يعهدوا

بصددها للدولة إما بالحراسة وإما بالحراسة والتسيير.

وينص الفصل 2 من هذا الظهير مع تعديلات 1960 بعد الاستقلال على ما يلي:

“يتمتع الملاكون بجميع الحقوق الناتجة عن الملك في الاحراش والغابات الغير الخاضعة للنظام الغابوي ماعدا التقنيات المنصوص عليها في هذا الظهير بشان احياء الاراضي واستغلاله”.

وصدر ظهير 27/04/1919 المتعلق بتنظيم ولاية الدولة وتنظيم الوصاية الادارية على الجماعات السلالية وجماعات القبائل وعدل وتمم بظهائر صدرت في عهد الحماية وفي عهد الاستقلال ومن بينها ظهير 10/02/1963 المنشور في الجريدة الرسمية 2626 بتاريخ 22/02/1963 حيث اصبح عنوانه ” تنظيم الوصاية الادارية على الجماعلت وضبط تدبير شؤون الاملاك الجماعية وتفويته” ينص الفصل الاول منه على ما يلي:

” إن الجماعات الأصلية التي لها املاك او مصالح مشتركة بينها يحق لها ان تهتم بتدبير هذه الاملاك وان تتقدم لدى المحاكم بجميع الدعاوى اللازمة للمحافظة على مصالحها او تناضل من اجل حقوقها فيما ذكر وان تقبض جميع المبالغ التي ربما تكون بذمة الغير، وتعطي عنها إبراء تاما وصحيحا هذا مع قيام الدولة بولايتها على اعمال الجماعات المذكورة” وهذا بعد ان نص الفصل الاول على انه ” لايمكن للقبائل وفصائل القبائل وغيرهم من العشائر الاصلية ان يتصرفوا على الاراضي المعدة لحرث او رعي المواشي المشتركة…الا تحت تصرف الدولة”. واضاف الفصل الثاني:

” ويمكنها نقل سلطاتها الى اشخاص تختارهم ضمن الكيفيات الصحيحة المعتادة ويكون جميع الاشخاص الذين يقع اختيارهم على هذا الشكل جمعية المندوبين او جماعة النواب. وتعين هذه الجمعية ضمن نفس الشروط عضوا او عضوين منها لتمثيل العشيرة لدى المحاكم في العقود القضائية الاخرى التي تهم حياة الجماعة”.

” ولا يطلق على هذه الجماعات الاصلية الا اسم “جماعات” في جميع الاحوال المقررة في هذا الظهير أو بمناسبة تطبيقه”. هذا النص الذي في بداية الاستقلال وقبل حالة الاستثناء ينص الفصل الرابع على “أن الأراضي الجماعية غير قابلة للتقادم ولا للتفويت ولا الحجز” وتؤهل جمعية المندوبين لتوزيع الانتفاع بصفة مؤقتة بين اعضاء الجماعة حسب الاعراف وتعليمات الوصاية”.

المداخلة 3: الاستاذ حسن إدبلقاسم

3- الأستاذ حسن ادبلقاسم المتدخل الثالث قدم محتويات الاتفاقية 169 بشان حقوق الشعوب الاصلية والقبلية المعتمدة في المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية المنعقد بجنيف سنة 1989 مشيرا الى ان دول الامم المتحدة في اطار اعدادها للاعلان العالمي لحقوق الانسان ناقشت واعتمدت الحقوق الفردية فقط بعدما رفضت اقتراح احدى الدول بضرورة اعتماد الحقوق الجماعية المتعلقة بالشعوب الاصلية والاقليات. وهكذا تبنت الدول –الامم المتحدة السياسة الاستيعابية والادماجية ضد الشعوب الاصلية والقبائل والجماعات الاصلية والاقليات الدينية والثقافية واللغوية رغم ان ميثاق الامم المتحدة يفتتح نصه ب “نحن شعوب الامم المتحدة …. كبيرها وصغيره….نؤكد ايماننا بحقوق الانسان… وبحقوق الشعوب في تقرير مصيرها…”

وهي السياسية الادماجية التي اشارت اليها الاتفاقية 169 في ديباجتها والتي تم تكريسها في اتفاقية 1957 المتعلقة بحماية السكان الاصليين والقبائل في افق انقراضهم بسبب عملية التحديث والتصنيع. غير ان الشعوب الاصلية والقبلية بدل ان تنقرض، فإنها أبدت مقاومة شرسة دفاعا عن هوياتها ولغاتها وثقافتها وحقوقها في الاراضي والغابات والموارد.

وقد جاء في ديباجة الاتفاقية ما يلي:

” وإذ يرى (المؤتمر العام) ان التطورات التي حدثت في القانون الدولي منذ سنة 1957 وكذلك التطورات في وضع الشعوب الاصلية والقبلية في جميع مناطق العالم ، تجعل من المناسب ان تعتمد معايير دولية جديدة (بدل المعايير الادماجية) في هذا الشان بهدف الغاء الاتجاه الادماجي للمعايير السابقة”

الاتفاقية 169 تتكون من ديباجة وجزء اول يتعلق بالسياسة العامة يشير الفصل الاول الى انطباقها على 1-الشعوب القبلية في البلدان المستقلة 2- الشعوب في البلدان المستقلة التي تعتبر شعوبا اصلية بسبب انحدارها من السكان الذين كانوا يقطنون البلد او اقليما جغرافيا ينتمي اليه البلد وقت غزو او استعمار او وقت رسم الحدود الحالية للدولة…”

يعتبر التعريف الذاتي بشعوب أصلية أو قبلية معيارا اساسيا لتطبيق الاتفاقية.

أما المادة الثانية فتحمل الدول المسؤولية على حماية حقوق هذه الشعوب وضمان احترام سلامتها وضمان استفادتها من حقوقها مع تعزيز تنميتها بهوياتها وانظمتها وعاداتها ومؤسساتها كما تلزم الفصول الاخرى الحكومات باحترام حقوق هذه الشعوب في تقرير اولوياتها الخاصة في عملية التنمية مع احترام حقها في الموافقة المسبقة الحرة والمستنيرة.

الجزء الثاني مخصص للحقوق في الاراضي والغابات والموارد مع احترام الانظمة القانونية الخاصة بالملكية الجماعية وحق المشاركة في جميع مراحل اتخاذ القرار الذي يهمها او قد يؤثر عليها من قريب أو بعيد.

الجزء لثالث والرابع يهم التشغيل والاستخدام ثم التدريب المهني بينما خصص الجزء الخامس للضمان الاجتماعي والصحة. والسادس للتعليم ووسائل الاتصال والجزء السابع للاتصال والتعاون عبر الحدود. وقد تركز العرض حول الحقوق الجماعية في الاراضي والغابات والموارد.

نظرا لضيق الوقت فان المناقشة ستكون مفتوحة في العروض الثلاثة يوم الخميس القادم على الساعة السابعة مساءا بمقر منظمة تاماينوت باكدال 13 زنقة ملوية شارع الابطال امام مسجد بدر باكدال. للاتصال: 0670584156 / 0670282954 / 0661400903

21 نونبر 2011