تقرير زيارة موقع ياكر الأثري

توجهت اليوم الأحد 21 أكتوبر 2012 لجنة مكونة من جمعية ياكر ومنظمة تاماينوت ممثلة في عضو من مكتبها الوطني وآخر بمجلسها الوطني وممثلين عن فرعيها في ايت اورير وإمي ن تانوت وذلك بالتنسيق مع المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات إلى موقع ياكر الأثري المتواجد بمنطقة الحوز بمراكش من أجل الوقوف على حقيقة الوضع هناك بعد الأخبار التي تناقلتها العديد من المنابر الإعلامية الوطنية والدولية و تداولتها العديد من التنظيمات غير الحكومية حول تعرض هذا الموقع لأعمال تخريبية.

في بداية هذا التقرير لا بد من الإشارة إلى أن هذه الزيارة ليست هي الأولى من نوعها لهذه المنطقة، إذ جعلت جمعية ياكر ومنظمة تاماينوت منذ سنوات من التعريف بما يكتنزه هذا الموقع ومن المطالبة بالحفاظ عليه أحد أهم أولوياتهما وحافظتا على زيارات دورية للمنطقة من اجل مواكبة ما يقع في ياكر اقتناعا بأهميته وقيمته فالرأسمال الرمزي يكون له امتداد فيزيائي في الواقع يعبر عنه ويشهد به.

من خلال زيارة اليوم تبين لنا بأن الموقع وبالمقارنة مع أخر زيارة والتي لا تتعدى ستة أشهر، تعرضت الكثير من لوحاته ورسوماته ونقوشه للهبش والتشويه والإتلاف بوثيرة سريعة وبشكل خطير مما طمس العديد من ملامحه وشوه الكثير من معانيه فلوحة تافوكت المعروفة تعرضت لنقوش أو لهبش داخل إطارها كما خرب الجزء السفلي من الصخرة التي نقشت عليها مما يضاعف من خطر إتلافها بشكل كامل، كما أن بعض النــقــوش الأخـــرى  – إذ أن موقع ياكر لا يحتوي فقط على لوحة تافوكت التي ركزت عليها الزيارات الرسمية الأخيرة – منها ما تعرض لإتلاف كامل ( ومنها نقوشات لحيوانات و لآلات قديمة ولحروف تيفناغ )، ومن خلال ملاحظاتنا واستجواباتنا الميدانية مع بعض الساكنة فإن أسباب إتلاف هذه النقوش كثيرة :

1-   العوامل المناخية ( الطبيعية ).

2-   بعض سكان المنطقة ( الرعاة ) من غير قصد نظرا لعدم الوعي بقيمتها.

3-   الاتجار الوطني والدولي في القطع الأثرية.

4-   تخريب بعض الأثرات من قبل المنقبين عن الكنوز.

5-   البناء فوق الأثرات وبصخور تحمل نقوشات من قبل الساكنة بسبب  عدم الوعي.

6-   التخريب من قبل جهات غير معروفة الهوية تسعى إلى طمس معالم المنطقة وضرب قيمتها التاريخية.

أما في ما يخص الأخبار التي أثيرت في الصحافة حول الأعمال التخريبية التي تعرض لها الموقع الأثري ياكر من قبل بعض السلفيين فإن أغلب السكان الذين تحدثنا معهم أكدوا وجود التخريب والتشويه والهبش على مستوى النقوش الصخرية لكنهم لم يستطيعوا أن يحددوا هوية المخربين ولا مرجعيتهم و لا انتماءهم ولا أهدافهم إذ أن أحد الساكنة أكد بأن مجموعة ما أتت إلى منطقة ياكر ليلا لكنهم غادروا المكان بعد انتباه بعض الساكنة لتحركاتهم لكنه أيضا لم يجزم في هويتهم ولا أهدافهم .

تصادفت زيارتنا مع زيارة وفد من وزارة الثقافة للموقع مما دفعنا إلى طرح بعض الأسئلة على المسؤولين الذين رافقوه ، فتبينت لنا ملاحظتين أساسيتين.

1-   أن الهاجس الرئيسي للوفد هو الإنتقال إلى عين المكان من أجل تكذيب الأخبار التي تناولتها الصحافة الوطنية والدولية.

2-   أن أغلب مسؤولي وزارة الثقافة ليست لديهم دراية كافية بالموقع وبخصائصه، بل أكثر من ذلك أكد لنا أحد هؤلاء المسؤولين وهو أبوالقاسم البشري أن الوزارة خصصت حارسا لمراقبة موقع ياكر في الوقت الذي لم يسبق أن حضي هذا الموقع بأية حراسة.

حاولنا مناقشة الإجراءات التي أقدمت عليها الوزارة فطلبنا من مسؤوليها أن يدلوا لنا بمثال على إجراء عملي واحد أقدمت عليه الدولة في شخص وزارة الثقافة لحماية موقع ياكر إلا أننا لم نتلقى أي جواب ، و في نوع من الاستخفاف بمطلب حماية الموقع الأثري قال لنا المدير الجهوي لوزارة الثقافة بمراكش أن : ” وزارة الثقافة ميمكنش لها تدير عساس على كل حجرة حيث هدشي فيه ألاف الهكتارات ” ، يبدوا أن نعث نقوش صخرية تمثل كنزا ثقافيا مهما وإرثا إنسانيا ووطنيا أمازيغيا ذو أهمية كبيرة بالحجرة واستكثار الحارس عليها وهو ترجمة أخرى لغياب إرادة حقيقية من اجل صون إرث تركه لنا أجدادنا أمانة في أعناقنا، فقد أدار المسؤولون ظهورهم لمناشدة الجمعيات المحلية والوطنية ومراسلاتهم للمطالبة بتحمل الدولة مسؤولياتها في هضبة ياكر، فلابد من الإشارة إلى أن موقع ياكر لم يسبق أن خصص له حراس لحمايته كما أن الساكنة والجمعيات المحلية أكدوا أن مؤسسات الدولة لم يسبق لها في أية مرحلة من المراحل أن قامت بتحسيس الساكنة بأهمية النقوش الصخرية مما يجعلنا نتساءل عن ما إذا كان ترك هذا الإرث الحضاري القيم للموت البطيء هو هدف واعي، متفق عليه ومسطر سلفا أم أنه مرتبط بمزاجية وقناعات المسؤولين المحليين نظرا لغياب أية مراقبة و لا محاسبة لهم، أو بغياب أي تصور للدولة في هذا المجال.

من جهة أخرى لم يفتنا أن نلاحظ أن ياكر لا يحمل أي أثر للدولة ومؤسساتها فهذه المنطقة جد معزولة وليس بها لا طرق تؤدي إليها ولا مستوصفات ولا مدارس فهي منطقة أخطأتها كل مشاريع الدولة ومخططاتها مما أغرق سكانها في واقع الأمية والفقر والمعاناة ، إذ أن أغلب سكان المنطقة يعيشون على الرعي والفلاحة التقليديين و بمجهودات ذاتية واللذان يعانيان من إشكالية تحديد الملك الغابوي وانتزاع الأراضي من مالكيها من طرف الدولة، كما أن كل الساكنة تقريبا لم يعرفوا طريقهم إلى المدرسة ويعيشون في فقر مدقع رغم الثروات الهائلة التي تتميز بها منطقتهم.

ولكي لا نكتفي بالملاحظة والوصف فإننا نقدم فيما يلي خمسة إجراءات نظن أن من شأنها حماية هذا الموروث وتوظيف قيمته الثقافية والاقتصادية :

1-   وضع حراس في الموقع من طرف الدولة.

2-   تحسيس الساكنة والزائرين بأهميته وقيمته.

3-   إقامة مركز خاص بالنقوش الصخرية لياكر في عين المكان من اجل تعميق البحث العلمي في الموقع والتعريف به وتوثيقه واستقبال طلبة المدارس والكليات المهتمين والباحثين.

4-   نهج المقاربة التشاركية مع السكان لخلق برنامج مشترك يستهدف تنمية المنطقة على جميع الأصعدة.

نهاية، نتمنى أن تجد مناشداتنا هذه المرة أذانا صاغية وإرادة حقيقية للحفاظ على موقع ياكر تترجم على أرض الواقع بإجراءات عملية ومستعجلة من جهة كما ندعو الساكنة المحلية وتنظيمات المجتمع المدني إلى بدل كل المجهودات لصون رأسمالنا الرمزي بهضبة ياكر من جهة أخرى.